أقضيه فى الأشواق إلا أقله
أقضيه فى الأشواق إلا أقله | بطئ سرى أبدى إلى اللبث ميله |
و ليس اشتياقى عن غرام بشادن | و لكنه شوق امرئ فات أهله |
فيا لك من ليل أعرت نجومه | توقد أنفاسى و عانيت مثله |
و مل كلانا من أخيه و هكذا | إذا طال عهد المرء بالشئ مله |
أقضيه فى الأشواق إلا أقله | بطئ سرى أبدى إلى اللبث ميله |
و ليس اشتياقى عن غرام بشادن | و لكنه شوق امرئ فات أهله |
فيا لك من ليل أعرت نجومه | توقد أنفاسى و عانيت مثله |
و مل كلانا من أخيه و هكذا | إذا طال عهد المرء بالشئ مله |
لا تلم كفى إذا السيف نبا | صح منى العزم و الدهر أبى |
رب ساع مبصر فى سعيه | أخطأ التوفيق فيما طلبا |
مرحبا بالخطب يبلونى إذا | كانت العلياء فيه السببا |
عقنى الدهر و لولا أننى | أوثر الحسنى عققت الأدبا |
إيه يا دنيا اعبسى أو فابسمى | ما أرى برقك إلا خلبا |
أنا لولا أن لى من أمتى | خاذلاً ما بت أشكو النوبا |
أمة قد فت فى ساعدها | بغضها الأهل و حب الغربا |
تعشق الألقاب فى غير العلا | و تُفدى بالنفوس الرتبا |
و هى و الأحداث تستهدفها | تعشق اللهو و تهوى الطربا |
لا تبالى لعب القوم بها | أم بها صرف الليالى لعبا |
ليتها تسمع منى قصةً | ذات شجو و حديثا عجبا |
كنت أهوى فى زمانى غادة | وهب الله لها ما وهبا |
ذات وجه مزج الله به | صفرة تنسى اليهود الذهبا |
حملت لى ذات يوم نبأً | لا رعاك الله يا ذاك النبا |
و أتت تخطر و الليل فتى | و هلال الأفق فى الأفق حبا |
ثم قالت لى بثغر باسم | نظم الدرّ به و الحببا |
نبئونى برحيل عاجل | لا أرى لى بعده منقلبا |
و دعانى موطنى أن أغتدى | علنى أقضى له ما وجبا |
نذبح الدب و نفرى جلده | أيظن الدب ألا يغلبا |
قلت و الالام تفرى مهجتى | ويك ما تفعل فى الحرب الظبا |
ما عهدناها لظبى مسرحا | يبتغى ملهى به أو ملعبا |
ليست الحرب نفوسا تشتهى | بالتمنى أو عقولا تستبى |
أحسبت القد من عدتها | أم حسبت اللحظ فيها كالشبا |
فسلينى إننى مارستها | و ركبت الهول فيها مركبا |
و تقحمت الردى فى غارة | أسدل النقع عليها هيدبا |
قطبت ما بين عينيها لنا | فرأينا الموت فيها قطبا |
جال عزرائيل فى أنحائها | تحت ذاك النقع يمشى الهيذبى |
فدعيها للذى يعرفها | و الزمى يا ظبية البان الخبا |
فأجابتنى بصوت راعنى | و أرتنى الظبى ليثا أغلبا |
إن قومى استعذبوا ورد الردى | كيف تدعونىَ ألا أشربا |
أنا يابانية لا أنثنى | عن مرادى أو أذوق العطبا |
أنا إن لم أحسن الرمى و لم | تستطع كفاى تقليب الظبا |
أخدم الجرحى و أقضى حقهم | و أواسى فى الوغى من نُكبا |
هكذا الميكاد قد علمنا | أن نرى الأوطان أماً و أبا |
ملك يكفيك منه أنه | أنهض الشرق فهز المغربا |
و إذا مارسته ألفيته | حُوّلا فى كل أمر قلبا |
كان و التاج صغيرين معاً | و جلال الملك فى مهد الصبا |
فغدا هذا سماء للعلا | و غدا ذلك فيها كوكبا |
بعث الأمة من مرقدها | و دعاها للعلا أن تدأبا |
فسمت للمجد تبغى شأوه | و قضت من كل شئ مأربا |
نَعِمْنَ بنَفْسي وأَشْقَيْنَني | فيا لَيْتَهُنَّ ويا لَيْتَنِي |
خِلالٌ نَزَلْنَ بخِصْبِ النُّفُوسِ | فرَوَّيْنَهُنَّ وأَظْمَأْنَنِي |
تَعَوَّدْنَ مِنِّي إباءَ الكَرِيم | وصَبْرَ الحَليِم وتيهَ الغَنِي |
وعَوَّدْتُهُنَّ نِزالَ الخُطوب | فما يَنْثَنِينَ وما أَنثَنِي |
إذا ما لَهَوْتُ بلَيلَ الشّباب | أَهَبْنَ بعَزْمِي فَنَبَّهْنَنِي |
فما زِلْتُ أَمْرَحُ في قِدِّهِنّ | ويَمْرَحْنَ مِنِّي برَوْضٍ جَنِي |
إلى أنْ تَوَلَّى زَمانُ الشَّباب | وأَوْشَكَ عُودِيَ أنْ يَنْحَني |
فيا نَفْسُ إنْ كنتِ لا تُوقِنِين | بمَعْقُودِ أمْرِكِ فاسْتَيْقِني |
فهذي الفَضيلة ُ سِجْنُ النُّفوس | وأَنتِ الجَديَرة ُ أَنْ تُسْجَنِي |
فلا تَسْأليني متى تَنْقَضي | لَيالي الإسارِ ؟ ولا تَحْزَني |
مَرِضْنا فما عادَنا عائِدُ | ولا قِيلَ : أينَ الفَتَى الأَلْمَعي؟ |
ولا حَنَّ طرْس إلى كاتِبٍ | ولا خَفَّ لَفْظٌ على مِسْمَعِ |
سَكَتْنا فعَزَّ علينا السُّكوت | وهانَ الكلامُ على المُدَّعِي |
فيا دَوْلَة ً آذَنَتْ بالزوال | رَجَعْنَا لعَهْدِ الهَوَى فارْجِعي |
ولا تَحسِبِينا سَلَوْنا النَّسِيب | وبين الضُّلُوعِ فؤادٌ يَعي |
لَقَدْ كانَتِ الأَمْثالُ تُضْرَبُ بَيْنَنا | بجَوْرِ سَدُومٍ وهوَ مِنْ أَظلَمِ البَشَرْ |
فلمّا بَدَتْ في الكَوْنِ آياتُ ظُلْمِهمْ | إذا بسَدُومٍ في حُكومَتِه عُمَر |
ما لهذا النَّجْم في السَّحَرِ | قد سَها مِنْ شِدّة ِ السَّهَرِ؟ |
خِلْتُه يا قَوْمُ يُؤْنِسُنِي | إنْ جَفاني مُؤْنِسُ السَّحَرِ |
يا لِقَوْمي إنّني رَجُلٌ | أَفْنَت الأَيّامُ مُصْطَبَري |
أَسْهَرَتْنِي الحادِثاتُ وقد | نامَ حتّى هاتِفُ الشَّجَرِ |
والدُّجَى يَخْطُو على مَهَلٍ | خَطْوَ ذي عِزٍّ وذي خَفَرِ |
فيه شَخْصُ اليَأسِ عانَقَنِي | كحَبِيبٍ آبَ مِن سَفَرِ |
وأَثارَتْ بي فَوادِحُه | كامِناتِ الهَمِّ والكَدَرِ |
وكأنّ اللَّيْلَ أَقْسَمَ لا | يَنْقَضي أو يَنْقَضي عُمُري |
أيُّها الزَّنْجيُّ ما لَكَ لَمْ | تَخشَ فينا خالِقَ البَشَرِ؟ |
لِي حَبيبٌ هاجِرٌ وَلهُ | صُورَة ٌ مِن أَبْدعِ الصُّورِ |
أَتَلاشَى في مَحَبّتِه | كتَلاشِي الظِّلِّ في القَمَرِ |
رَمَيْتُ بها على هذا التَّبابِ | وما أَوْرَدْتُها غيرَ السَّرابِ |
وما حَمَّلْتُها إلاّ شَقاءً | تُقاضِيني به يومَ الحِسابِ |
جَنَيْتُ عليكِ يا نَفْسي وقَبْلي | عليكِ جَنَى أبي فدَعي عِتابي |
فلَولا أنّهم وأَدُوا بَياني | بَلَغتُ بك المُنى وشَفَيْتُ ما بي |
وما أَعْذَرْتُ حتى كان نَعْلي | دَماً ووِسادَتي وَجْهَ التُّرَابِ |
وحتى صَيَّرتْني الشمسُ عَبْداً | صَبِيغاً بَعدَ ما دَبَغَتْ إهابي |
وحتى قَلَّمَ الإِمْلاقُ ظُفْري | وحتى حَطَّمَ المِقْدارُ نابي |
مَتَى أنا بالِغٌ يا مِصْرُ أَرْضاً | أَشُّم بتُرْبِها رِيحَ المَلابِ |
رأيتُ ابنَ البُخارِ على رُباها | يَمُرُّ كأنَّه شَرْخُ الشَّبابِ |
كأنّ بجَوْفِه أحشاءَ صَبٍّ | يُؤَجِّجُ نارَها شَوقُ الإيابِ |
إذا ما لاحَ ساءَلْنا الدَّياجي | أَبَرْقُ الأَرْضِ أمْ بَرْقُ السَّحابِ |