أقضيه فى الأشواق إلا أقله
أقضيه فى الأشواق إلا أقله | بطئ سرى أبدى إلى اللبث ميله |
و ليس اشتياقى عن غرام بشادن | و لكنه شوق امرئ فات أهله |
فيا لك من ليل أعرت نجومه | توقد أنفاسى و عانيت مثله |
و مل كلانا من أخيه و هكذا | إذا طال عهد المرء بالشئ مله |
أقضيه فى الأشواق إلا أقله | بطئ سرى أبدى إلى اللبث ميله |
و ليس اشتياقى عن غرام بشادن | و لكنه شوق امرئ فات أهله |
فيا لك من ليل أعرت نجومه | توقد أنفاسى و عانيت مثله |
و مل كلانا من أخيه و هكذا | إذا طال عهد المرء بالشئ مله |
لا تلم كفى إذا السيف نبا | صح منى العزم و الدهر أبى |
رب ساع مبصر فى سعيه | أخطأ التوفيق فيما طلبا |
مرحبا بالخطب يبلونى إذا | كانت العلياء فيه السببا |
عقنى الدهر و لولا أننى | أوثر الحسنى عققت الأدبا |
إيه يا دنيا اعبسى أو فابسمى | ما أرى برقك إلا خلبا |
أنا لولا أن لى من أمتى | خاذلاً ما بت أشكو النوبا |
أمة قد فت فى ساعدها | بغضها الأهل و حب الغربا |
تعشق الألقاب فى غير العلا | و تُفدى بالنفوس الرتبا |
و هى و الأحداث تستهدفها | تعشق اللهو و تهوى الطربا |
لا تبالى لعب القوم بها | أم بها صرف الليالى لعبا |
ليتها تسمع منى قصةً | ذات شجو و حديثا عجبا |
كنت أهوى فى زمانى غادة | وهب الله لها ما وهبا |
ذات وجه مزج الله به | صفرة تنسى اليهود الذهبا |
حملت لى ذات يوم نبأً | لا رعاك الله يا ذاك النبا |
و أتت تخطر و الليل فتى | و هلال الأفق فى الأفق حبا |
ثم قالت لى بثغر باسم | نظم الدرّ به و الحببا |
نبئونى برحيل عاجل | لا أرى لى بعده منقلبا |
و دعانى موطنى أن أغتدى | علنى أقضى له ما وجبا |
نذبح الدب و نفرى جلده | أيظن الدب ألا يغلبا |
قلت و الالام تفرى مهجتى | ويك ما تفعل فى الحرب الظبا |
ما عهدناها لظبى مسرحا | يبتغى ملهى به أو ملعبا |
ليست الحرب نفوسا تشتهى | بالتمنى أو عقولا تستبى |
أحسبت القد من عدتها | أم حسبت اللحظ فيها كالشبا |
فسلينى إننى مارستها | و ركبت الهول فيها مركبا |
و تقحمت الردى فى غارة | أسدل النقع عليها هيدبا |
قطبت ما بين عينيها لنا | فرأينا الموت فيها قطبا |
جال عزرائيل فى أنحائها | تحت ذاك النقع يمشى الهيذبى |
فدعيها للذى يعرفها | و الزمى يا ظبية البان الخبا |
فأجابتنى بصوت راعنى | و أرتنى الظبى ليثا أغلبا |
إن قومى استعذبوا ورد الردى | كيف تدعونىَ ألا أشربا |
أنا يابانية لا أنثنى | عن مرادى أو أذوق العطبا |
أنا إن لم أحسن الرمى و لم | تستطع كفاى تقليب الظبا |
أخدم الجرحى و أقضى حقهم | و أواسى فى الوغى من نُكبا |
هكذا الميكاد قد علمنا | أن نرى الأوطان أماً و أبا |
ملك يكفيك منه أنه | أنهض الشرق فهز المغربا |
و إذا مارسته ألفيته | حُوّلا فى كل أمر قلبا |
كان و التاج صغيرين معاً | و جلال الملك فى مهد الصبا |
فغدا هذا سماء للعلا | و غدا ذلك فيها كوكبا |
بعث الأمة من مرقدها | و دعاها للعلا أن تدأبا |
فسمت للمجد تبغى شأوه | و قضت من كل شئ مأربا |
نَعِمْنَ بنَفْسي وأَشْقَيْنَني | فيا لَيْتَهُنَّ ويا لَيْتَنِي |
خِلالٌ نَزَلْنَ بخِصْبِ النُّفُوسِ | فرَوَّيْنَهُنَّ وأَظْمَأْنَنِي |
تَعَوَّدْنَ مِنِّي إباءَ الكَرِيم | وصَبْرَ الحَليِم وتيهَ الغَنِي |
وعَوَّدْتُهُنَّ نِزالَ الخُطوب | فما يَنْثَنِينَ وما أَنثَنِي |
إذا ما لَهَوْتُ بلَيلَ الشّباب | أَهَبْنَ بعَزْمِي فَنَبَّهْنَنِي |
فما زِلْتُ أَمْرَحُ في قِدِّهِنّ | ويَمْرَحْنَ مِنِّي برَوْضٍ جَنِي |
إلى أنْ تَوَلَّى زَمانُ الشَّباب | وأَوْشَكَ عُودِيَ أنْ يَنْحَني |
فيا نَفْسُ إنْ كنتِ لا تُوقِنِين | بمَعْقُودِ أمْرِكِ فاسْتَيْقِني |
فهذي الفَضيلة ُ سِجْنُ النُّفوس | وأَنتِ الجَديَرة ُ أَنْ تُسْجَنِي |
فلا تَسْأليني متى تَنْقَضي | لَيالي الإسارِ ؟ ولا تَحْزَني |
مَرِضْنا فما عادَنا عائِدُ | ولا قِيلَ : أينَ الفَتَى الأَلْمَعي؟ |
ولا حَنَّ طرْس إلى كاتِبٍ | ولا خَفَّ لَفْظٌ على مِسْمَعِ |
سَكَتْنا فعَزَّ علينا السُّكوت | وهانَ الكلامُ على المُدَّعِي |
فيا دَوْلَة ً آذَنَتْ بالزوال | رَجَعْنَا لعَهْدِ الهَوَى فارْجِعي |
ولا تَحسِبِينا سَلَوْنا النَّسِيب | وبين الضُّلُوعِ فؤادٌ يَعي |
لَقَدْ كانَتِ الأَمْثالُ تُضْرَبُ بَيْنَنا | بجَوْرِ سَدُومٍ وهوَ مِنْ أَظلَمِ البَشَرْ |
فلمّا بَدَتْ في الكَوْنِ آياتُ ظُلْمِهمْ | إذا بسَدُومٍ في حُكومَتِه عُمَر |
ما لهذا النَّجْم في السَّحَرِ | قد سَها مِنْ شِدّة ِ السَّهَرِ؟ |
خِلْتُه يا قَوْمُ يُؤْنِسُنِي | إنْ جَفاني مُؤْنِسُ السَّحَرِ |
يا لِقَوْمي إنّني رَجُلٌ | أَفْنَت الأَيّامُ مُصْطَبَري |
أَسْهَرَتْنِي الحادِثاتُ وقد | نامَ حتّى هاتِفُ الشَّجَرِ |
والدُّجَى يَخْطُو على مَهَلٍ | خَطْوَ ذي عِزٍّ وذي خَفَرِ |
فيه شَخْصُ اليَأسِ عانَقَنِي | كحَبِيبٍ آبَ مِن سَفَرِ |
وأَثارَتْ بي فَوادِحُه | كامِناتِ الهَمِّ والكَدَرِ |
وكأنّ اللَّيْلَ أَقْسَمَ لا | يَنْقَضي أو يَنْقَضي عُمُري |
أيُّها الزَّنْجيُّ ما لَكَ لَمْ | تَخشَ فينا خالِقَ البَشَرِ؟ |
لِي حَبيبٌ هاجِرٌ وَلهُ | صُورَة ٌ مِن أَبْدعِ الصُّورِ |
أَتَلاشَى في مَحَبّتِه | كتَلاشِي الظِّلِّ في القَمَرِ |
رَمَيْتُ بها على هذا التَّبابِ | وما أَوْرَدْتُها غيرَ السَّرابِ |
وما حَمَّلْتُها إلاّ شَقاءً | تُقاضِيني به يومَ الحِسابِ |
جَنَيْتُ عليكِ يا نَفْسي وقَبْلي | عليكِ جَنَى أبي فدَعي عِتابي |
فلَولا أنّهم وأَدُوا بَياني | بَلَغتُ بك المُنى وشَفَيْتُ ما بي |
وما أَعْذَرْتُ حتى كان نَعْلي | دَماً ووِسادَتي وَجْهَ التُّرَابِ |
وحتى صَيَّرتْني الشمسُ عَبْداً | صَبِيغاً بَعدَ ما دَبَغَتْ إهابي |
وحتى قَلَّمَ الإِمْلاقُ ظُفْري | وحتى حَطَّمَ المِقْدارُ نابي |
مَتَى أنا بالِغٌ يا مِصْرُ أَرْضاً | أَشُّم بتُرْبِها رِيحَ المَلابِ |
رأيتُ ابنَ البُخارِ على رُباها | يَمُرُّ كأنَّه شَرْخُ الشَّبابِ |
كأنّ بجَوْفِه أحشاءَ صَبٍّ | يُؤَجِّجُ نارَها شَوقُ الإيابِ |
إذا ما لاحَ ساءَلْنا الدَّياجي | أَبَرْقُ الأَرْضِ أمْ بَرْقُ السَّحابِ |
كم مَرَّ بِي فيِكِ عَيْشٌ لَسْتُ أَذْكُرُه | ومَرَّ بِي فيكِ عَيْشٌ لَسْتُ أَنْساهُ |
وَدَّعْتُ فيكِ بَقايا ما عَلِقْتُ به | مِنَ الشّباب وما وَدَّعْتُ ذِكْراهُ |
أَهْفُو إليه على ما أَقْرَحَتْ كَبِدِي | مِنَ التَّبارِيحِ أولاَهُ وأُخْراهُ |
لَبِسْتُهِ ودُمُوعُ العَيْنِ طَيِّعَة ٌ | والنفسُ جَيَّاشَة ٌ والقَلْبُ أَوّاهُ |
فكان عَوْني على وَجْدٍ أُكابِدُه | ومُرِّ عَيْشٍ على العِلاّتِ أَلْقاهُ |
قد أَرْخَصَ الدَّمْعَ يَنْبُوعُ الغَناءِ به | وا لَهْفَتِي ونُضُوبُ الشَّيْبِ أَغْلاهُ |
كم رَوَّحَ الدمعُ عَنْ قَلْبي وكم غَسَلَتْ | منه السَّوابِقُ حُزْناً في حناياهُ |
لَم أَدْرِ ما يَدُه حتى تَرَشَّفَه | فَمُ المَشِيبِ على رَغْمِى فأَفْناهُ |
قالوا تَحرَّرْتَ مِنْ قَيْدِ المِلاحِ فعِشْ | حُراً فَفِي الأَسْرِ ذُلٌ كُنتَ تَأباهُ |
فقُلْتُ يا لَيْتَه دامَتْ صَرامَتُه | ما كان أَرْفَقه عندي وأَحْتاهُ |
بُدِّلْتُ منه بقَيْدٍ لَسْتُ أفْلَتُه | وكيف أفْلَتُ قَيْداً صاغَهُ اللهُ |
أَسْرَى الصَّبابَة ِ أَحْياءٌ وإنْ جَهِدُوا | أَمّا المَشِيبُ ففِي الأَمْواتِ أَسْراهُ |
لَم يَبْقَ شَىء ٌ مِن الدُّنْيا بأَيْدِينا | إلاّ بَقِيّة ُ دَمْعٍ في مآقِينَا |
كنّا قِلادَة َ جِيدِ الدَّهْرِ فانفَرَطَتْ | وفي يَمينِ العُلا كنّا رَياحِينا |
كانت مَنازِلُنا في العِزِّ شامِخة ً | لا تُشْرِقُ الشَّمسُ إلاّ في مَغانينا |
وكان أَقْصَى مُنَى نَهْرِالمَجَرَّة لو | مِن مائِه مُزِجَتْ أَقْداحُ ساقِينا |
والشُهْب لو أنّها كانت مُسَخرَّة ً | لِرَجْمِ من كانَ يَبْدُو مِن أَعادِينا |
فلَم نَزَلْ وصُرُوفُ الدَّهرِ تَرْمُقُنا | شَزْراً وتَخدَعُنا الدّنيا وتُلْهينا |
حتى غَدَوْنا ولا جاهٌ ولا نَشَبٌ | ولا صديقٌ ولا خِلٌّ يُواسِينا |
ماذا أَصَبْتَ مِنَ الأَسفارِ والنَّصَبِ | وطَيِّكَ العُمْرَ بينَ الوَخدِ والخَبَبِ؟ |
نَراكَ تُطْلُبُ لا هَوْناً ولا كَثَباً | ولا نَرَى لكَ مِنْ مالٍ ولا نَشَبِ |
يا آلَ عُثمانَ ما هذا الجَفَاءُ لنا | ونَحنُ في اللهِ إخوانٌ وفي الكُتُبِ |
تركتُمُونَا لأقوامٍ تُخالِفُنَا | في الدِّينِ والفَضْلِ والأخلاقِ والأَدَبِ |
سَعَيْتُ إلى أنْ كِدْتُ أَنْتَعِلُ الدَّما | وعُدْتُ وما أعقبتُ إلاَّ التَّنَدُّمَا |
لَحَى اللهُ عَهْدَ القاسِطِين الذي به | تَهَدَّمَ منْ بُنياننَا ما تهدَّمَا |
إذا شِئْتَ أنْ تَلْقَى السَّعَادَة َ بينهمْ | فلا تَكُ مِصْريّاً ولا تَكُ مُسْلِما |
سَلامٌ على الدُّنيا سَلامَ مُوَدِّعٍ | رَأَى في ظَلامِ القَبْرِ أُنْساً ومَغنَما |
أَضَرَّتْ به الأولَى فهامَ بأختها | فإنْ ساءَت الأخرَى فوَيْلاهُ مِنْهُما |
فهُبِّي رياحَ الموتِ نُكباً وأطفِئي | سِراجَ حياتي قبلَ أنْ يتحطَّمَا |
فما عَصَمتنِي منْ زمانِي فضائلِي | ولكنْ رأيتُ الموتَ للحُرِّ أعْصَما |
فيا قلبُ لاَ تجزعْ إذَا عَضَّكَ الأسَى | فإنكَ بعدَ اليومِ لنْ تتألَّمَا |
ويا عَينُ قد آنَ الجمُودُ لمَدْمَعي | فلاَ سَيْلَ دمع تسكبيِن ولاَ دَمَا |
ويا يَدُ ما كَلَّفْتُكِ البَسْطَ مَرَّة ً | لذّي مِنَّة ٍ أولَى الجَميلَ وأنعمَا |
فللهِ ما أحلاكِ في أنملِ البلَى | وإنْ كُنتِ أحلَى في الطُّرُوسِ وأكْرَما |
ويا قدمِي ما سِرْتِ بي لمَذلَّة ٍ | ولمْ ترتقِي إلاَّ إلَى العِزِّ سُلَّمَا |
فلاَ تُبطئِي سيراً إلَى الموتِ واعلمِي | بأنَّ كريمَ القومِ من ماتَ مُكْرمَا |
ويا نفسُ كمْ جَشَّمُتكِ الصبرَ والرضا | وجشَّمتنِي أنْ أَلبَسَ المجدَ مُعلمَا |
فما اسطعتِ أنْ تستمرئِي مُرَّ طعمَه | وما اسطعتُ بين القومِ أنْ أتقدَّمَا |
فهذَا فِراقٌ بيننَا فَتَجمَّلِي | فإنَّ الرَّدَى أحلَى مذاقَا ومطعمَا |
ويا صدركمْ حَلَّت بذاتكَ ضِيقة ٌ | وكم جالَ في أَنْحائِكَ الهَمُّ وارتَمَى |
فهَلا تَرَى في ضِيقَة ِ القَبْرِ فُسْحَة ً | تُنَفِّسُ عنكَ الكَرْبَ إنْ بِتَّ مُبْرَما |
ويا قَبْرُ لا تَبْخَلْ بِرَدِّ تَحِيّة ٍ | على صاحبٍ أَوْفَى علينا وسَلَّما |
وهيهاتَ يأتِي الحيُّ للميتِ زائراً | فإنِّي رأيتُ الوُدَّ في الحيِّ أسْقِما |
ويأيُّهَا النَّجمُ الذي طالَ سُهدُه | وقد أَخَذَتْ منه السُّرَى أين يَمَّما |
لَعَلَّكَ لا تَنْسَى عُهودَ مُنادِمٍ | تَعَلَّمَ منكَ السُّهدَ والأَينَ كُلَّمَا |
خلقتَ لي نَفْساً فأرْصَدتَهَا | للحُزْنِ والبَلْوَى وهذا الشَّقاءْ |
فامنُنْ بنَفْسٍ لم يَشُبْها الأَسَى | لَعلَّهَا تَعرِفُ طَعمَ الهناءْ |
سَلِيلَ الطِّينِ كم نِلْنا شَقاءً | وكمْ خَطَّتْ أنامِلُنَا ضَريحَا |
وكمْ أَزْرَتْ بِنَا الأيامُ حتَّى | فَدَتْ بالكبشِ إسحاقَ الذَّبيِحَا |
وباعَتْ يُوسُفاً بَيْعَ المَوالي | وأَلْقَتْ في يَدِ القَومِ المَسيحَا |
ويانُوحاً جَنَيْتَ علَى البرايَا | ولمْ تمنحهُمُ الوُدَّ الصَّحيحَا |
عَلاَمَ حملتهُمْ في الفُلْكِ هَلاَّ | تَرَكْتَهُمُ فكُنْتَ لَهُمْ مُرِيحَا |
أصابَ رِفاقِيَ القِدحَ المُعَلَّى | وصادَفَ سَهْمِيَ القِدْحَ المَنِيحا |
فلوْ ساقَ القضاءُ إليَّ نَفْعاً | لقامَ أَخُوهُ مُعترضاً شَحيحا |
جِرابُ حَظِّي قد أَفَرغتُهُ طَمَعاً | بباب أستاذِنا الشِّيمي ولا عَجَبا |
فعادَ لي وهو مَمْلُوءٌ فقلتُ له: | مِمَّا؟ فقالَ مِنَ الحَسْراتِ واحَرَبَا |
أَخشَى مُرَبِّيَتي إذا | طَلَعَ النَّهارُ وأفزَعُ |
وأظلُ بين صواحبِي | لعِقابِها أَتَوَقَّعُ |
لا الدَّمعُ يَشفَعُ لي ولا | طُولُ التَّضَرُّعِ يَنْفَعُ |
وأَخافُ والِدَتي إذا | جَنَّ الظَّلامُ وأجزعُ |
وأبيتُ أرتقِبُ الجزَا | ءَ وأعْيُنِي لاَ تَهْجَعُ |
ما ضَرَّني لو كنتُ أسْـ | تمعُ الكَلامَ وأخضعُ |
ما ضَرَّنِي لو صُنْتُ أثْـ | وابِي فلاَ تتقطَّعُ |
وحَفِظْتُ أوراقي بمَحْـ | فَظَتِي فلاَ تَتَوَزَّعُ |
فأعيشُ آمِنَة ً وأَمـْ | رَعُ في الهناءِ وأرتعُ |
أَحْياؤُنَا لاَ يُرْزَقُونَ بِدرهمٍ | وبألفِ ألفٍ تُزْرَقُ الأمواتُ |
منْ لي بحظِّ النائمين بِحُفرة ٍ | قامَتْ على أَحْجارِها الصَّلواتُ |
يَسعَى الأنامُ لها ، ويَجري حَولَها | بَحْرُ النُّذُورِ وتُقرَأ الآياتُ |
ويقالُ:هذَا القُطْبُ بابُ المُصطَفَى | ووَسِيلَة ٌ تُقضَى بهَا الحاجاتُ |
أَيُّها المُصْلِحُونَ ضاقَ بنا العَيْـ | شُ ولمْ تُحسِنُوا عليه القيامَا |
عزت السِّلْعَة ُ الذَّلِيلة ُ حتَّى | باتَ مَسْحُ الحِذاءِ خَطْباً جُساما |
وغَدَا القُوتُ في يَدِ النّاسِ كاليا | قُوتِ حتى نَوَى الفَقيرُ الصِّياما |
يَقْطَع اليومَ طاوِياً وَلَدَيْه | دُونَ ريحِ القُتارِ ريحُ الخُزامَى |
ويخالُ الرَّغيفَ منْ بَعْدِ كَدٍّ | صاحَ : مَن لي بأنْ أُصِيبَ الإداما |
أيّها المُصْلِحُونَ أصْلَحْتُمُ الأرْ | ضَ وبِتُّمْ عن النُّفوسِ نيامَا |
أصْلِحوا أنفُسَا أضرَّ بِهَا الفقْ | رُ وأحْيا بمَوتِها الآثاما |
ليس في طَوقِها الرَّحيلُ ولا الجِـ | ـدُّ ولا أن تُواصلَ الإقْداما |
تُؤثِرُ الموتَ في رُبَا النِّيلِ جُوعاً | وتَرَى العارَ أنْ تَعافَ المُقاما |
ورِجالُ الشَّآمِ في كُرَة ِ الأرْ | ضِ يُبارُونَ في المسيرِ الغَماما |
رَكِبُوا البَحْرَ ، جَاوَزُوا القُطْبَ ، فاتُوا | ويَظُنُّ اللُّحُومَ صَيْداً حَراما |
يَمْتطُون الخُطُوبَ في طَلَبِ العَيـ | شِ ويبرونَ للنضالِ السهامَا |
وبَنُو مِصْرَ في حِمَى النِّيلِ صَرْعَى | يَرْقُبونَ القَضاءَ عاماً فَعاما |
أيهَا النِّيلُ كيفَ نُمسِي عِطاشاً | في بلادٍ روِّيتَ فيهَا الأوامَا |
إنَّ لِينَ الطِّباعِ أورثنَا الذُّ | لَّ وأغرَى بِنا الجُناة َ الطَّغاما |
إنَّ طِيبَ المُناخِ جرَّعلينَا | في سَبيلِ الحَياة ِ ذاكَ الزِّحاما |
أيُّها المُصْلِحُونَ رِفْقاً بقَومٍ | قَيَّدَ العَجْزُ شَيْخَهُمْ والغُلاما |
وأغيثُوا منَ الغَلاءِ نفوساً | قد تمنَّتْ مع الغَلاءِ الحِمامَا |
أَوْشَكَتْ تأكُلُ الهَبِيدَ مِنَ الفَقْـ | رِ وكادتْ تذُودُ عنه النَّعامَا |
فأعيدُوا لنَا المُكُوسَ فإنَّا | قد رأَيْنا المُكُوسَ أرْخَى زِماما |
ضاقَ في مصرَ قِسْمُنَا فاعذرُونَا | إنْ حَسَدْنَا علَى الجَلاَءِ الشَّآمَا |
قد شَقِينا - ونحنُ كرَّمنا اللّـ | هُ بعَصْرٍ يُكَرِّمُ الأنعامَا |
قَضَّيْتُ عَهْدَ حداثتِي | ما بينَ ذُلٍ واغترابْ |
لَم يُغنِ عَنّي بَينَ مَشْـ | رِقِهَا ومغْرِبِهَا اضطرابْ |
صَفِرَتْ يَدِي فحَوَى لها | رأسِي وجَوفِي والوِطابْ |
وأنا ابنُ عَشْرٍ ليس في | طَوقِي مُكافحة ُ الصِّعابْ |
لمْ يبقَ منْ أهلِي سِوَى | ذِكْرٍ تَناساهُ الصِّحابْ |
أَمْشي يُرَنِّحُني الأَسَى | والبؤسُ ترنيحَ الشَّرابْ |
فلَكَمْ ظَلِلْتُ على طَوَى | يومِي وبِتُّ علّى تبابْ |
والجُوعُ فَرَّاسٌ له | ظُفْرٌ يَصُولُ به ونَابْ |
فكأنّه في مُهجتَي | نَصْلٌ تغلغلَ للنِّصابْ |
أيُّهَا الوَسميُّ زُرْ نبتَ الرُّبَا | واسبِق الفَجْرَ إلى رَوْضِ الزَّهَرْ |
حَيِّهِ وانثرْ على أكمامِه | منْ نطافِ الماءِ أشباهَ الدُّرَرْ |
أَيُّها الزَّهْرُ أَفِقْ مِنْ سِنَة ٍ | واصطَبِحْ مِنْ خَمْرَة ٍ لَم تُعْتَصرْ |
منْ رحيقٍ أمُّه غادية ٌ | ساقَهَا تحتَ الدُّجَى روحُ السَّحَرْ |
وانفحِ الرَّوضَ بنشرٍ طيِّبٍ | عَلَّه يُوقِظُ سُكّانَ الشَّجَرْ |
إنَّ بِي شوقاً إلَى ذِي غُنَّة ٍ | يُؤْنِسُ النَّفْسَ وقدْ نامَ السَّمَرْ |
إيهِ يا طَيْرُ ألاَ مِنْ مُسْعِدٍ | إنّني قد شَفَّني طُولُ السَّهَرْ |
قُمْ وصَفِّقْ واستَحِرْ واسجَعْ ونُحْ | واروِ عنْ إسحاقَ مأثورَ الخبرْ |
ظَهَرَ الفَجْرُ وقد عَوَّدْتَني | أنْ تُغَنِّينِي إذَا الفَجْرُ ظَهَرْ |
غَنِّني كَمْ لكَ عِندي مِنْ يَدٍ | سَرَّتِ الأَشْجانَ عَنِّي والفِكَرْ |
اخْرِق السَّمْعَ سِوَى مِنْ نَبَأٍ | خَرَقَ السَّمعَ فأدمَى فوَقَرْ |
كُلَّ يَوْمٍ نَبْأَة ٌ تَطْرُقُنا | بعجيبٍ منْ أعاجيبِ العِبَرْ |
أممٌ تفنَى وأركانٌ تهِي | وعُرُوشٌ تتهاوَى وسُرُرْ |
وجُيُوشٌ بجيوشٍ تلتقِي | كسُيُولٍ دَفَقَتْ في مُنْحَدَرْ |
ورجالٌ تتبارَى للرَّدَى | لا تُبالي غابَ عنها أمْ حَضَرْ |
منْ رآهَا في وغَاهَا خالهَا | صِبْيَة ً خَفَّتْ إلَى لِعبِ الأُكَرْ |
وحُرُوبٌ طاحِناتٌ كلَّما | أُطْفئتْ شَبَّ لَظاها واسْتَعَرْ |
ضَجَّتِ الأَفْلاكُ مِنْ أَهْوالِها | واستعاذَ الشمسُ منهَا والقَمَرْ |
في الثَّرَى في الجَوِّ في شُمِّ الذُّرَا | في عُبابِ البَحْرِ ، في مَجْرَى النَّهَرْ |
أسرفتْ في الخلقِ حتَّى أوشكوُا | أنْ يبيدُوا قبلَ ميعادِ البَشَرْ |
فاصْمِدوا ثمَّ احمدُوا اللَّه عَلَى | نِعْمَة الأَمْن وطِيبِ المُسْتَقَرّ |
نعمة الأمنِ وما أدراكَ ما | نِعمة الأمن إذَا الخطبُ اكفهرْ |
واشْكُروا سُلْطانَ مِصْرٍ واشكُرُوا | صاحبَ الدّولة محمودَ الأَثَرْ |
نحن في عَيْشٍ تَمَنَّى دُونَه | أممٌ في الغربِ أشقاهَا القدَرْ |
تَتَمَنَّى هَجْعَة ً في غِبْطَة ٍ | لمْ تُساوِرْهَا اللَّيالِي بالكَدَرْ |
إنّ في الأَزْهَرِ قوماً نالَهُمْ | مِنْ لَظَى نِيرانِها بَعْض الشَّرَرْ |
أَصْبَحُوا - لا قَدَّرَ اللهُ لنا- | في عناءٍ وشقاءٍ وضجرْ |
نُزلاءٌ بيننَا إنْ يُرْهَقُوا | أوْ يُضامُوا إنّهَا إحدَى الكُبَرْ |
فأعينُوهُمْ فهُمْ إخْوانُكُمْ | مُسَّهُمْ ضُرٌّ ونابَتْهُمْ غيَرْ |
أَقْرِضُوا اللهَ يُضاعِفْ أَجْرَكُمْ | إنّ خَيْرَ الأَجْرِ أَجْرٌ مُدَّخَرْ |
أَجادَ مَطْرانُ كعاداته | وهكذا يُؤْثَرُ عَنْ قُسِّ |
فإنْ أَقِفْ مِنْ بَعْدِه مُنْشِداً | فإنّما مِنْ طِرْسِه طِرْسي |
رَثَى حَبِيباً وَرَثَى بَعْدَه | لذلِكَ المُوفي على الرَّمْسِ |
كانَا إذا ما ظَهَرا مِنْبَراً | حَلاَّ مِنَ السّامِعِ في النَّفْسِ |
فأَصْبَحَا هذا طَواهُ الرَّدَى | وذاكَ نَهْبٌ في يَدِ البُؤْسِ |
لولا سَلِيمٌ لَم يَقُلْ قائِلٌ | ولَمْ يَجُدْ مَنْ جادَ بالأمْسِ |
للهِ ما أَشْجَعَه إنّـه | ذُو مِرَّة ٍ فِينَا وذُو بَأْسِ |
يَقُومُ في مَشْرُوعِهِ نافِذاً | كأنّهعَنْتَرَة ُ العَبْسِي |
تَلْقاهُ في الجِدِّ كما تَبْتَغِي | وتارَة ً تَلْقاهُ في الهَلْسِ |
سَرْكِيسُ إنْ راقَكَ ما قُلْتُه | في مَعْرِضِ الهَزْلِ فَقُلْ مِرْسِيٌ |
أقْسِمُ باللَّـهِ وآلائِـه | بعَرْشِه باللَّوْحِ بالكُرْسِي |
بالخُنَّسِ الكُنَّسِ في سَبْحِها | بالبَدْرِ في مَرْآهُ بالشَّمْسِ |
بأنّ هذا عَمَلٌ صالحٌ | قامُ به هَذا الفَتَى القُدْسِي |
ذَكَّرَنا والمَرْءُ مِنْ نَفْسِه | وعَيْشِه في شاغِلٍ يُنْسِي |
بالواجِبِ الأَقْدَسِ في حَقِّ مَنْ | باعَتْه مِصْرٌ بَيْعَة َ الوَكْسِ |
هذاأبُوا العَدْلِفمَنْ خالَه | حَياً فما خَالَ سِوَى العَكْسِ |
كانت له في حَلْقِه ثَرْوَة ٌ | مِنْ نَبْرَة ٍ تُشْجي ومِنْ جَرْسِ |
فغالَها الدَّهْرُ كما غَالَه | حتّى غَدَا كالطَّلَلِ الدَّرْسِ |
فاكتَسِبُوا الأَجْرَ ولا تَبْتَغُوا | شِراءَه بالثَمَنِ البَخْسِ |
إنِّي أَرى التَّمْثِيلَ في غَمْرَة ٍ | غامِرَة ٍ تَدْعُو إلى اليَأُسِ |
لَم يَرْمِه في شَرْخِه ما رَمى | لو كان مَبْنِياً على أُسٍّ |
أَكُلَّما خَفَّتْ به صَحْوَة ٌ | مِنْ دائِه عُوجِلَ بالنَّكْسِ |
إنْ تُغْفِلُوا دارِسَ آثارِه | عَفَّى عَليْها الدُّهْرُ بالطَّمْسِ |
أَعْجَزَها النُّطْقُ فجاءَتْ بِنا | نَنُوبُ عنْ أَلْسُنِها الخُرْسِ |
حَيّاكُمُ اللهُ أَحْيُوا العِلْمَ والأَدَبا | إنْ تَنْشُرُوا العِلْمَ يَنْشُرْ فيكُم العَرَبا |
ولا حَياة لكمْ إلاّ بجامِعَة ٍ | تكونُ أمَّا لطُلاّبِ العُلاَ وأَبَا |
تَبْنِي الرِّجالَ وتَبنِي كلَّ شاهِقَة ٍ | مِنَ المَعاِلي وتَبْنِي العِزَّ والغَلَبا |
ضَعُوا القُلُوبَ أَساساً لا أقولُ لكمْ | ضَعُوا النُّضارَ فإنِّي أَصْغِرُ الذَّهَبا |
وابْنُوا بأَكْبَادِكُمْ سُوراً لها وَدَعُوا | قيلَ العَدُوِّ فإنِّي أَعْرِفُ السَّببَا |
لا تَقْنَطُوا إنْ قَرَأتُمْ ما يُزَوِّقُه | ذاكَ العَمِيدُ ويَرْمِيكُمْ به غَضَبا |
وراقِبُوا يومَ لا تُغني حَصائِدُه | فكلُّ حَيٍّ سيُجْزَى بالّذي اكتَسَبا |
بَنَى على الإفْكِ أَبْرَاجاً مُشَيَّدَة ً | فابْنُوا على الحَقِّ بُرجاً يَنطَحُ الشُّهُبا |
وجاوِبُوه بفِعْلٍ لا يُقَوِّضُه | قُوْلُ المُفَنِّدِ أنَّى قال أو خَطَبا |
لا تَهْجَعُوا إنّهمْ لَنْ يَهْجَعُوا أَبداً | وطالِبُوهُمْ ولكنْ أجمِلُوا الطَّلَبا |
هَل جاءَكُم نَبَأُ القَومِ الأُلى دَرَجوا | وَخَلَّفوا لِلوَرى مِن ذِكرِهِم عَجَبا |
عَزَّت بِقُرطاجَةَ الأَمراسُ فَاِرتُهِنَت | فيها السَفينُ وَأَمسى حَبلُها اِضطِرَبا |
وَالحَربُ في لَهَبٍ وَالقَومُ في حَرَبٍ | قَد مَدَّ نَقعُ المَنايا فَوقَهُم طُنُبا |
وَدّوا بِها وَجَواريهِم مُعَطَّلَةٌ | لَو أَنَّ أَهدابَهُم كانَت لَها سَبَبا |
هُنالِكَ الغيدُ جادَت بِالَّذي بَخِلَت | بِهِ دَلالاً فَقامَت بِالَّذي وَجَبا |
جَزَّت غَدائِرَ شِعرٍ سَرَّحَت سُفُناً | وَاِستَنقَذَت وَطَناً وَاِستَرجَعَت نَشَبا |
رَأَت حُلاها عَلى الأَوطانِ فَاِبتَهَجَت | وَلَم تَحَسَّر عَلى الحَليِ الَّذي ذَهَبا |
وَزادَها ذاكَ حُسناً وَهيَ عاطِلَةٌ | تُزهى عَلى مَن مَشى لِلحَربِ أَو رَكِبا |
وَبَرثَرانِ الَّذي حاكَ الإِباءُ لَهُ | ثَوباً مِنَ الفَخرِ أَبلى الدَهرَ وَالحِقَبا |
أَقامَ في الأَسرِ حيناً ثُمَّ قيلَ لَهُ | أَلَم يَئِن أَن تُفَدّي المَجدَ وَالحَسَبا |
قُل وَاِحتَكُم أَنتَ مُختارٌ فَقالَ لَهُم | إِنّا رِجالٌ نُهينُ المالَ وَالنَشَبا |
خُذوا القَناطيرَ مِن تِبرٍ مُقَنطَرَةً | يَخورُ خازِنُكُم في عَدِّها تَعَبا |
قالوا حَكَمتَ بِما لا تَستَطيعُ لَهُ | حَملاً نَكادُ نَرى ما قُلتَهُ لَعِبا |
فَقالَ وَاللَهِ ما في الحَيِّ غازِلَةٌ | مِنَ الحِسانِ تَرى في فِديَتي نَصَبا |
لَو أَنَّهُم كَلَّفوها بَيعَ مِغزَلِها | لَآثَرَتني وَصَحَّت قوتَها رَغَبا |
هَذا هُوَ الأَثَرُ الباقي فَلا تَقِفوا | عِندَ الكَلامِ إِذا حاوَلتُمُ أَرَبا |
وَدونَكُم مَثَلاً أَوشَكتُ أَضرِبُهُ | فيكُم وَفي مِصرَ إِن صِدقاً وَإِن كَذِبا |
سَمِعتُ أَنَّ اِمرِأً قَد كانَ يَألَفُهُ | كَلبٌ فَعاشا عَلى الإِخلاصِ وَاِصطَحَبا |
فَمَرَّ يَوماً بِهِ وَالجوعُ يَنهَبُهُ | نَهباً فَلَم يُبقِ إِلّا الجِلدَ وَالعَصَبا |
فَظَلَّ يَبكي عَلَيهِ حينَ أَبصَرَهُ | يَزولُ ضَعفاً وَيَقضي نَحبَهُ سَغَبا |
يَبكي عَلَيهِ وَفي يُمناهُ أَرغِفَةٌ | لَو شامَها جائِعٌ مِن فَرسَخٍ وَثَبا |
فَقالَ قَومٌ وَقَد رَقّوا لِذي أَلَمٍ | يَبكي وَذي أَلَمٍ يَستَقبِلُ العَطَبا |
ما خَطبُ ذا الكَلبِ قالَ الجوعُ يَخطِفُهُ | مِنّي وَيُنشِبُ فيهِ النابَ مُغتَصِبا |
قالوا وَقَد أَبصَروا الرُغفانَ زاهِيَةً | هَذا الدَواءُ فَهَل عالَجتَهُ فَأَبى |
أَجابَهُم وَدَواعي الشُحِّ قَد ضَرَبَت | بَينَ الصَديقَينِ مِن فَرطِ القِلى حُجُبا |
لِذَلِكَ الحَدِّ لَم تَبلُغ مَوَدَّتُنا | أَما كَفى أَن يَراني اليَومَ مُنتَحِبا |
هَذي دُموعي عَلى الخَدَّينِ جارِيَةٍ | حُزناً وَهَذا فُؤادي يَرتَعي لَهَبا |
أَقسَمتُ بِاللَهِ إِن كانَت مَوَدَّتُنا | كَصاحِبِ الكَلبِ ساءَ الأَمرُ مُنقَلَبا |
أُعيذُكُم أَن تَكونوا مِثلَهُ فَنَرى | مِنكُم بُكاءً وَلا نُلفي لَكُم دَأَبا |
إِن تُقرِضوا اللَهَ في أَوطانِكُم فَلَكُم | أَجرُ المُجاهِدِ طوبى لِلَّذي اِكتَتَبا |
لمِصرَ أم لرُبُوعِ الشَّأمِ تَنْتَسِبُ | هُنا العُلا وهُناكَ المجدُ والحَسَبُ |
رُكْنانِ للشَّرْقِ لا زالَتْ رُبُوعُهُما | قَلْبُ الهِلالِ عليها خافِقٌ يَجِبُ |
خِدْرانِ للضّادِ لَم تُهْتَكْ سُتُورُهُما | ولا تَحَوَّلَ عن مَغْناهُما الأدَبُ |
أمُّ اللُّغاتِ غَداة َ الفَخْرِ أَمُّهُما | وإنْ سَأَلْتَ عن الآباءِ فالعَرَبُ |
أَيَرْغَبانِ عن الحُسْنَى وبَيْنَهُما | في رائِعاتِ المَعالي ذلك النَّسَبُ |
ولا يَمُتّانِ بالقُربى وبينَهُما | تلكَ القَرابة ُ لَمْ يُقْطَعْ لها سَبَبُ؟ |
إذا ألَمَّتْ بوادي النِّيلِ نازِلَة ٌ | باتَتْ لها راسِياتُ الشّأمِ تَضطَرِبُ |
وإنْ دَعَا في ثَرَي الأَهْرامِ ذُو أَلَمٍ | أَجابَهُ في ذُرَا لُبْنانَ مُنْتَحِبُ |
لو أَخْلَصَ الِّنيلُ والأرْدُنُّ وُدَّهما | تَصافَحَتْ منهما الأمْواهُ والعُشُبُ |
بالوادِيَيْنِ تَمَشَّى الفَخرُ مِشيَتَه | يَحُفُّ ناحيَتَيْه الجُودُ والدَّأَبُ |
فسالَ هذا سَخاءً دونَه دِيَمٌ | وسالَ هذا مَضاءً دونَه القُضُبُ |
نسيمَ لُبنانَ كم جادَتْكَ عاطِرَة ٌ | من الرِّياضِ وكم حَيّاكَ مُنْسَكِبُ |
في الشَّرقِ والغَربِ أنفاسٌ مُسَعَّرَة ٌ | تَهْفُو إليكَ وأكبادٌ بها لَهَبُ |
لولا طِلابُ العُلا لم يَبتَغُوا بَدَلاً | من طِيبِ رَيّاكَ لكنّ العُلا تَعَبُ |
كم غادَة ٍ برُبُوعِ الشّأمِ باكيَة ٍ | على أَليِفٍ لها يَرْمِي به الطَّلَبُ |
يَمْضِي ولا حِيلَة ٌ إلاّ عَزِيمَتُه | ويَنثَني وحُلاهُ المَجدُ والذَّهَبُ |
يَكُرُّ صَرفُ اللَّيالي عنه مُنقَلِباً | وعَزْمُه ليسَ يَدْرِي كيفَ يَنْقَلِبُ |
بِأَرْضِكُولُمْبَأَبْطالٌ غَطارِفَة ٌ | أسْدٌ جِياعٌ إذا ما وُوثِبُوا وَثَبُوا |
لَم يَحْمِهمْ عَلَمٌ فيها ولا عُدَدٌ | سوى مَضاءٍ تَحامَى وِرْدَهُ النُّوَب |
أسطُولُهُمْ أمَلٌ في البَحرِ مُرتَحِلٌ | وجَيْشُهُمْ عَمَلٌ في البَرِّ مُغْتَرِبُ |
لهم بكُلِّ خِضَمٍّ مَسرَبٌ نَهَجٌ | وفي ذُرَا كُلِّ طَوْدٍ مَسْلَكٌ عَجَبُ |
لَمْ ثَبْدُ بارِقَة ٌ في أفْقِ مُنْتَجَعٍ | إلاّ وكان لها بالشامِ مُرتَقِبُ |
ما عابَهُم انّهُم في الأرضِ قد نُثِرُوا | فالشُّهبُ مَنثُورَة ٌ مُذ كانت الشُّهُبُ |
ولَمْ يَضِرْهُمْ سُرَاءَ في مَناكِبِها | فكلّ حَيِّ له في الكَوْنِ مُضْطَرَبُ |
رَادُوا المَناهِلَ في الدُّنْيا ولو وَجَدُوا | إلى المَجَرَّة ِ رَكباً صاعِداً رَكِبُوا |
أو قيلَ في الشمسِ للرّاجِينَ مُنْتَجَعَ | مَدُّوا لها سَبَباً في الجَوِّ وانتَدَبُوا |
سَعَوا إلى الكَسْبِ مَحْمُوداً وما فَتِئَتْ | أمُّ اللُّغاتِ بذاكَ السَّعْي تَكْتَسِبُ |
فأينَ كان الشَّآمِيُّونَ كان لها | عَيْشٌ جَدِيدٌ وفَضْلٌ ليسَ يَحْتَجِبُ |
هذي يَدي عن بني مِصرٍ تُصافِحُكُم | فصافِحُوها تُصافِحْ نَفسَها العَرَبُ |
فما الكِنانَة ُ إلاّ الشامُ عاجَ على | رُبُوعِها مِنْ بَنِيها سادَة ٌ نُجُبُ |
لولا رِجالٌ تَغالَوا في سِياسَتِهِم | مِنّا ومِنْهُمْ لَمَا لمُنْا ولا عَتَبُوا |
إِنْ يَكْتُبوا لِيَ ذَنْباً في مَوَدَّتِهمْ | فإنّما الفَخْرُ في الذَّنْبِ الذي كَتَبُوا |
حَطَمْتُ اليَراعَ فلا تَعْجَبِي | وعِفتُ البَيانَ فلا تَعتُبي |
فما أنتِ يا مصرُ دارَ الأديبِ | ولا أنتِ بالبَلَدِ الطَّيِّبِ |
وكمْ فيكِ يَا مصرُ مِنْ كاتبٍ | أقالَ اليَراعَ ولم يَكتُبِ |
فلا تُعذُليني لهذا السكوت | فقد ضاقَ بي منكِ ما ضاقَ بي |
أيُعجِبُني منكِ يومَ الوِفاق | سُكوتُ الجَمادِ ولِعْبُ الصَّبي |
وكم غَضب الناسُ من قبلِنا | لسَلبِ الحُقوقِ ولمْ نغضَبِ |
أنابتَةَ العصرِ إنّ الغريبَ | مُجِدٌّ بمصرَ فلا تلعبي |
يقولون: في النَّشْءِ خيرٌ لنا | ولَلنَّشْءُ شرٌّ من الأجنبي |
أفي (الأزبكيّة)(1) مثوى البنينِ | وبين المساجد مثوى الأب؟ |
(وكم ذا بمصرَ من المضحكاتِ) | كما قال فيها (أبو الطيِّب) |
أمورٌ تمرُّ وعيشٌ يُمِرُّ | ونحن من اللَّهو في ملعب |
وشعب يفرُّ من الصالحاتِ | فرارَ السَّليم من الأجرب |
وصُحْف تطنُّ طنينَ الذُّبابِ | وأخرى تشنُّ على الأقرب |
وهذا يلوذ بقصر الأميرِ | ويدعو إلى ظِلِّه الأرحب |
وهذا يلوذ بقصر السَّفيرِ | ويُطنِب في وِرده الأعذب |
وهذا يصيحُ مع الصائحينَ | على غير قصدٍ ولا مأرب |
وقالوا: دخيلٌ عليه العفاء | ونعم الدَّخيلُ على مذهبي! |
رآنا نياماً ولما نُفِقْ | فشمَّرَ للسَّعي والمكسب |
وماذا عليه إذا فاتنا | ونحن على العيش لم ندأب؟ |
ألفنا الخمولَ ويا ليتنا | ألفنا الخمولَ! ولم نكذب! |
**** | |
وقالوا: (المؤيَّدُ) في غمرةٍ | رماه بها الطَّمعُ الأشعبي |
دعاه الغرامُ بسنّ الكهولِ | فجُنَّ جُنوناً ببنت النَّبي(1) |
ونادى رجالٌ بإسقاطهِ | وقالوا: تَلَوَّنَ في المَشْرَب |
وعَدُّوا عليه من السَّيِّئاتِ | أُلوفاً تَدُورُ مع الأحقُب |
وقالوا لصيقٌ ببيتِ الرَّسولِ | أغارَ على النَّسَبِ الأنجب |
وزكَّى (أبو خَطوةٍ)(2) قولَهم | بحكمٍ أحَدَّ من المضرب |
فما للتهاني على دارِهِ | تَسَاقطُ كالمطر الصَّيِّبِ |
وما للوُفُود على بابهِ | تزفُّ البشائرَ في موكب؟ |
وما للخليفة أسدى إليهِ | وساماً يليقُ بصدر الأبي؟ |
فيا أمّةً ضاقَ عن وصفها | جَنانُ المفوَّهِ والأَخْطَبِ |
تضيعُ الحقيقةُ ما بيننا | ويَصلى البريءُ مع المذنب |
ويُهضَمُ فينا الإمام الحكيمُ | ويُكْرَم فينا الجهولُ الغَبِي |
على الشَّرق منِّي سلامُ الودود | وإنْ طأطأ الشَّرقُ للمغرب(1) |
لقد كان خِصباً بجدب الزّمانِ | فأجدبَ في الزَّمن المُخْصِب ! |
رَجَعْتُ لنفْسِي فاتَّهمتُ حَصاتِي | وناديْتُ قَوْمِي فاحْتَسَبْتُ حياتِي |
رَمَوني بعُقمٍ في الشَّبابِ وليتَني | عَقِمتُ فلم أجزَعْ لقَولِ عِداتي |
وَلَدتُ ولمَّا لم أجِدْ لعرائسي | رِجالاً وأَكفاءً وَأَدْتُ بناتِي |
وسِعتُ كِتابَ اللهِ لَفظاً وغاية ً | وما ضِقْتُ عن آيٍ به وعِظاتِ |
فكيف أضِيقُ اليومَ عن وَصفِ آلة ٍ | وتَنْسِيقِ أسماءٍ لمُخْترَعاتِ |
أنا البحر في أحشائه الدر كامن | فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي |
فيا وَيحَكُم أبلى وتَبلى مَحاسِني | ومنْكمْ وإنْ عَزَّ الدّواءُ أساتِي |
فلا تَكِلُوني للزّمانِ فإنّني | أخافُ عليكم أن تَحينَ وَفاتي |
أرى لرِجالِ الغَربِ عِزّاً ومَنعَة ً | وكم عَزَّ أقوامٌ بعِزِّ لُغاتِ |
أتَوْا أهلَهُم بالمُعجِزاتِ تَفَنُّناً | فيا ليتَكُمْ تأتونَ بالكلِمَاتِ |
أيُطرِبُكُم من جانِبِ الغَربِ ناعِبٌ | يُنادي بِوَأدي في رَبيعِ حَياتي |
ولو تَزْجُرونَ الطَّيرَ يوماً عَلِمتُمُ | بما تحتَه مِنْ عَثْرَة ٍ وشَتاتِ |
سقَى اللهُ في بَطْنِ الجزِيرة ِ أَعْظُماً | يَعِزُّ عليها أن تلينَ قَناتِي |
حَفِظْنَ وِدادِي في البِلى وحَفِظْتُه | لهُنّ بقلبٍ دائمِ الحَسَراتِ |
وفاخَرْتُ أَهلَ الغَرْبِ والشرقُ مُطْرِقٌ | حَياءً بتلكَ الأَعْظُمِ النَّخِراتِ |
أرى كلَّ يومٍ بالجَرائِدِ مَزْلَقاً | مِنَ القبرِ يدنينِي بغيرِ أناة ِ |
وأسمَعُ للكُتّابِ في مِصرَ ضَجّة ً | فأعلَمُ أنّ الصَّائحِين نُعاتي |
أَيهجُرنِي قومِي-عفا الله عنهمُ | إلى لغة ٍ لمْ تتّصلِ برواة ِ |
سَرَتْ لُوثَة ُ الافْرَنجِ فيها كمَا سَرَى | لُعابُ الأفاعي في مَسيلِ فُراتِ |
فجاءَتْ كثَوْبٍ ضَمَّ سبعين رُقْعة ً | مشكَّلة َ الأَلوانِ مُختلفاتِ |
إلى مَعشَرِ الكُتّابِ والجَمعُ حافِلٌ | بَسَطْتُ رجائِي بَعدَ بَسْطِ شَكاتِي |
فإمّا حَياة ٌ تبعثُ المَيْتَ في البِلى | وتُنبِتُ في تلك الرُّمُوسِ رُفاتي |
وإمّا مَماتٌ لا قيامَة َ بَعدَهُ | مماتٌ لَعَمْرِي لمْ يُقَسْ بمماتِ |
أَلْبَسُوكِ الدِّماءَ فَوْقَ الدِّماءِ | وأرَوْكِ العِداءَ بعد العِداءِ |
فلَبِسْتِ النَّجِيعَ منْ عهدِ قابيـ | ـلَ وشاهَدتِ مَصرَعَ الأبرياءِ |
فلكِ العُذرُ إن قَسَوتِ وإن خُنْـ | ـتِ وإن كنتِ مَصدراً للشَّقاءِ |
غَلِطَ العُذْرُ،ما طَغَى جَبَلُ النَّا | رِ بإرْسالِ نَفْثَة ٍ في الهَواءِ |
أحرَجُوا صَدرَ أُمِّهِ فأراهُمْ | بعضَ ما أَضْمرَتْ مِنَ الْبُرَحاءِ |
اسْخَطُوهَا فصابَرَتْهُمْ زَماناً | ثمّ أنحَتْ عليهمُ بالجَزاءِ |
أيّها الناسُ إنْ يكُنْ ذاكَ سُخْطُ الـ | أرْضِ ماذا يكونُ سُخْطُ السَّماءِ؟ |
إنّ في عُلْوِ مَسْرحاً للمقادِيـ | ـرِ وفي الأرضِ مَكْمَناً للقَضاءِ |
فاتّقوا الأَرْضَ والسَّماءَ سَواءً | واتّقوا النارَ في الثَّرى والفَضاءِ |
سائِلُوا الَّليْلَ عنهمُ والنَّهارَا | كيف باتَتْ نِساؤُهُمْ والعَذارَى |
كيف أَمْسَى رَضِيعُهُمْ فَقَدَ الأ | مَّ وكيف اصْطَلَى مع القَوْمِ نارَا |
كيف طاحَ العَجُوزُ تحتَ جِدارٍ | يَتَداعى وأسْقُفٍ تَتَجارَى |
رَبِّ إنّ القَضاءَ أَنْحَى عليهم | فاكشف الكَربَ واحجُبِ الأَقْدارَا |
ومُرِ الَّنارَ أنْ تَكُفَّ أَذاها | ومُرِ الغَيْثَ أَنْ يَسِيلَ انْهِمارا |
أينَ طُوفانُ صاحِبِ الفُلكِ يَروي | هذِه النّارَ؟فهي تَشْكُو الأوَارا |
أَشْعَلَتْ فَحْمَة َ الدَّياجِي فباتَتْ | تَملأ الأرضَ والسَّماءَ شَرارا |
غَشِيَتْهُمْ والنَّحْسُ يَجْرِي يَميناً | ورَمَتهُم والبُؤْسُ يَجري يَسارا |
فأَغارَتْ وأوْجُهُ القَومِ بِيضٌ | ثمّ غَارَتْ وقد كَسَتْهُنَّ قارا |
أَكَلَتْ دُورَهُمْ فلّما استَقَلَّتْ | لم تُغادِرْ صِغارَهُم والكِبارا |
أخرَجَتهُم من الدِّيارِ عُراة ً | حَذَرَ الموتِ يطلبونَ الفِرارا |
يَلْبَسُونَ الظَّلامَ حتَّى إذا ما | أقبلَ الصُّبحُ يَلبَسون النَّهارا |
حُلَّة لا تَقيهِمُ البَردَ والحَـ | ـرَّ ولا عنهُمُ ترُدُّ الغُبارا |
أيها الرَّافِلون في حُلَلِ الوَشْـ | ـي يجُرُّونَ للذُّيولِ افْتِخارا |
إنّ فوقَ العَراءِ قوماً جِياعاً | يَتوارَونَ ذِلَّة ً وانكِسارا |
ايُّهذا السَّجينُ لا يمْنَع السِّجْـ | ـنُ كريماً مِن أنْ يُقيلَ العِثارا |
مُرْ بِأَلْفٍ لهم وإنْ شِئْتَ زِدْها | وأجِرْهُم كما أجَرَتَ النَّصارى |
قد شَهِدْنا بالأمسِ في مِصرَ عُرساً | مَلأَ العَينَ والفُؤادَ ابْتِهارا |
سالَ فيه النُّضارُ حتى حَسِبنا | أنّ ذاك الفِناءَ يجري نُضارا |
باتَ فيه المُنَعَّمونَ بليلٍ | أَخْجَلَ الصُّبْحَ حُسْنُه فَتَوارَى |
يَكْتَسُون السَرورَ طَوْراً وطَوْراً | في يَد الكَأسِ يَخْلَعُون الوَقارا |
وسَمِعْنا في ميت غَمْرٍ صِياحاً | مَلأ البَرَّ ضَجّة ً والبِحارا |
جَلَّ مَن قَسَّمَ الحُظوظ فهذا | يَتَغَنَّى وذاكَ يَبكي الدِّيارا |
رُبَّ لَيْلٍ في الدَّهْرِ قَدْ ضَمَّ نَحْساً | وسُعوداً وعُسْرَة ً ويَسارا |